مهرجان جبالا الموسيقي الدولي.. أنغام آسرة وسط طبيعة ساحرة
-- 10 سنوات من النجاح المتواصل تثري التفاعل الفني والثقافي والفكري بين الشعوب
شهدت أذربيجان خلال الفترة من 30 يوليو إلى 7 أغسطس أمسيات رائعة من الفن الراقي خلال مهرجان جبالا الموسيقي العالمي الذي احتضنته مدينة جبالا Gabala الساحرة بطبيعتها الغنية وأجوائها المفعمة بالهدوء والسكينة، ولوحات الجمال المنتشرة في أرجائها تعكس منظرا بديعا قلما تجده في العالم، أمسيات موسيقية امتزجت فيها ثقافات العالم ومشاعره ، وإبداعات المبدعين، حيث استمتع الآلاف من سكان المدينة والزوار القادمين من مختلف بقاع الأرض بعرس فني التقى فيه المبدعون والفنانون من دول العالم، لينعشوا روح التنوع، ويضفوا الحيوية والغنى، ويقدموا فنوناً شتى، وأساليب متنوعة، في تقنيات العزف والأداء، من خلالها اقتربنا بقلوبنا من فنون شعوب صديقة، تجمعنا بهم قيم السلام والمحبة.
أيام الإبداع الفني
ثمانية أيام من الفن استمتعنا فيها بأروع أطياف الموسيقى التي يقدمها بعض من أمهر الفنانين المحليين الأذريين والعالميين، وقد كُرس الحفل الافتتاحي للمهرجان للاستماع إلى بعض من إبداعات التراث الموسيقى الخالدة للفنان غارا غاراييف أحد أشهر ملحني أذربيجان في الذكرى المئوية له، فهو بحق فنان الشعب وأحد رواد الثقافة الأذربيجانية الذين يتم الاحتفال بهم في عام 2018، بالإضافة إلى تعريف الزوار بفنون الموسيقى الشعبية والغنائية في أذربيجان مثل (مقام) (محم) وغيرها من الإبداعات المحلية.
تناغم رائع بين الطبيعة والموسيقى
كان لاختيار (جبالا) لاحتضان المهرجان على مدى عشر سنوات تأثير كبير في زيادة نسبة الإقبال الجماهيري، فما أروع أن تستمع إلى فنون الموسيقى الكلاسيكية وتطلق لروحك ووجدانك العنان في واحدة من أجمل الزوايا الخلابة في العالم بما توفره من تمازج ينصهر في بوتقته الجمال والرومانسية فتجتمع بسحرها الطبيعة والهدوء والجبال الأكثر جمالا بألوانها المختلفة، فلا تغادرك الدهشة، ولا تحبذ أن تستفيق من حلم جميل يطير بك بجناحي النغم والطبيعة إلى عوالم من المتعة والارتقاء الحسي والشعوري، والاندماج والانصهار في فضاء لحني طبيعي ولا أجمل ، تنتقل فيه كفراشة منتشية بالفرح والسعادة والانبهار.
بدايات
تعود فكرة إقامة مهرجان الموسيقى العالمي وكذلك اختيار إقامته في (جبالا) الوجهة المفضلة للسياح والنابضة بالحياة والتي حباها الله بمناظر طبيعية ،لا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر بالعالم إلى السيدة مهربان علييفا النائب الأول لرئيس الجمهورية في أذربيجان ، وتأكيداً منها لمكانة أذربيجان الثقافية والحضارية كحاضنة للفن، وراعية للإبداع بأشكاله المتعددة وإيمانا منها بأن الموسيقى تسهم في إذكاء الذوق، وإشاعة قيم الخير والمحبة والتسامح والسلام والصداقة والتعاون بين الشعوب، وتطوير ثقافاتهم، وتبادل الخبرات، وصولاً إلى الارتقاء بمكانة الفن الموسيقي بين قطاعات المجتمع كافة.
السيدة الأولى في أذربيجان ترحب بضيوف المهرجان
مع انطلاق مهرجان الموسيقى في (جبالا) وجهت السيدة مهربان علييفا كلمة رحبت فيها بكافة المشاركين في المهرجان وعبرت عن سعادتها لتزامن هذا الحدث الفني الاستثنائي في دورته العاشرة مع الذكرى المئوية لجمهورية أذربيجان الديمقراطية أول جمهورية برلمانية في الشرق المسلم.
وأضافت: لقد كان الشعب الأذربيجاني يعتز دائما بثقافته ولغته وأدبه وشعره وموسيقاه، وهي العناصر التي حافظت على روح أمتنا عبر القرون، إن حقيقة أن أذربيجان قد أنشأت أول أوبرا وأول باليه وأول كونسرفتوار (أكاديمية باكو للموسيقى) في الشرق الإسلامي هي مصدر فخر لكل مواطن أذربيجاني، لقد سعينا دائمًا إلى الحفاظ على اللآلئ الفريدة لتراثنا الموسيقي الوطني حول العالم ورعايتها والترويج لها، وفي نفس الوقت، كبلد ساهم في تطوير الحوار بين الحضارات عبر القرون، فإننا نعلق أهمية خاصة على تنفيذ المشاريع التي تثري التفاعل الفني والثقافي والفكري بين الشعوب، حيث قدم مهرجان (جبالا) الدولي للموسيقى مساهمات لا تقدر بثمن لهذا الهدف منذ نسخته الأولى في عام 2009، إننا نعتبر المهرجان وسيلة بالغة الأهمية لإثراء الثقافات الموسيقية لمختلف الدول وتبادل المعارف والخبرات في هذا المجال، وتعزيز المزيد من العلاقات الودية بينهم.
دور رائد لمؤسسة حيدر علييف
لم يقتصر اهتمام أذربيجان بفنون الموسيقى فقط عبر مهرجان (جبالا) الموسيقى السنوي الذي يحضره موسيقيون واعدون من مختلف دول العالم فحسب بل إن مؤسسة حيدر علييف بقيادة السيدة مهربان علييفا النائب الأول للرئيس الأذربيجاني رئيس مؤسسة حيدر علييف وسفيرة النوايا الحسنة لليونسكو والإيسيسكو تضطلع بدور مهم في إحياء التراث الموسيقي الخاص بأذربيجان والمسمى (مقام) عبر إنشاء مركز متخصص بهذا الفن الموسيقي في العاصمة باكو، بالإضافة إلى الترويـج له في مناسبات وفعاليات تقام بالمدن الغربية والشرقية مثل (أيام الموسيقى الأذربيجانية التراثية) ناهيك عن الدعم والرعاية والمشاركة في العديد من المهرجانات والحفلات الموسيقية الراقية لانطونيو فيفالدي - جورج غيرشويم، وغيرها من الفعاليات الفنية التي تساهم في إذكاء روح التعاون والتحاور بين الثقافات والحضارات، وتعزز قيم التسامح وترسخ مبادئ الإنسانية والإبداع.
10 سنوات من النجاح
شهد المهرجان في كل يوم من أيام هذا العرس الموسيقي البديع إقبالا متزايدا لآلاف الزوار من مختلف الدول توافدوا إلى (جبالا) لحضور توليفة غنية ومتنوعة من الثقافات والأنواع والأنماط الموسيقية العالمية بأمسيات ساحرة من الألحان والأنغام العذبة التي تشمل مقطوعات الأوركسترالية الكلاسيكية، والموسيقى الشعبية التقليدية الأصيلة والموسيقى العالمية وغيرها الكثير.
وقد عبر جميع من تمتعوا بهذا الزخم الموسيقي الأخاذ وشهدوه عن رضاهم لمستوى التنظيم والحفاوة وكرم الضيافة التي لمسوها، وأشادوا بمظاهر التطور السريع الذي تشهده (جبالا) على وجه التخصيص وأذربيجان بصفة عامة في كافة مرافقها.
من جانبهم أعرب بعض الضيوف ممن حضروا أكثر من دورة من دورات المهرجان عن إعجابهم وتقديرهم بمستوى الرقي في التنظيم، والخدمات المتميزة ، وتنويع الخيارات لإرضاء كافة الأذواق عاماً بعد عام .. كما عبروا عن سعادتهم لإقامة المهرجان في مدينة (جبالا) بطبيعتها وارفة الظلال، ووديانها العميقة، وجبالها الشاهقة، وأنهارها، وغاباتها الغناء، وقراها الساحرة، ومواقعها الترفيهية، ومعالمها المعطرة برائحة التاريخ ما يمنحك إحساسا خاصا بالتميز ويهديك فرصة لاستكشاف أسلوب حياة جديد للمتعة والرفاهية والإثارة.
مهرجان لا ينسى لعشاق الموسيقى
سيبقى مهرجان (جبالا) الدولي للموسيقى في ذاكرة كل من حضره واستمتع بما قدمه، وسيتذكره دائما باعتزاز باعتباره فصلاً مشرقاً في التاريخ الثقافي لأذربيجان ترك بصمته على الساحة الفنية والثقافية العالمية ، وعندما يشار إلى الدور الثقافي والفني والإبداعي للدول فسوف يشار إلى أذربيجان كدولة رائدة في تعزيز قيم المحبة والفن والإبداع ، وسوف يسجل التاريخ في صفحاته لأذربيجان أنها كانت وما تزال حاضنة لأسمى القيم الإنسانية ، ولأجمل الملتقيات الفنية والموسيقية وأنها أمة تمد جسور التواصل مع العالم والإنسانية جسور من إبداع ، وطرقات من الفن والذوق ، والبهجة، وتفتح نوافذ مشرعة على لغة الصوت ولغة الوتر والنغم ، مهرجان (جبالا) ليس ككل المهرجانات والملتقيات الموسيقية، إنه ركيزة لتعميم هذه التجربة عالميا، وقدوة يمكن أن تحتذى لتؤسس عهدا جديدا من التواصل الإنساني والثقافي المبدع ، وبكل تأكيد من عاش روعة اللحظة ودهشتها في مهرجان (جبالا) الموسيقي فلسوف تألف أذناه ووجدانه هذا الرقي وسيقوده شوقه ليعود يوما إلى أرض الإبداع والفن أذربيجان، و ليعيش اللحظة التي لا تنسى.